تأشيرة الدخول وجواز المرور إلى أغشية التناضح يتطلب عدة شروط ومواصفات … فليس أى نوع من المياه له الحق فى الدخول إلى هذه المنطقة الخاصة … وقد جمعنا لكم فى إيجاز هذه الشروط التى تهتم بمواصفات المياه بجانب خصائص الغشاء نفسه …
فى هذا النقاش سوف نتعرض لتقسيم المياه الطبيعية تبعاً لتركيز الأملاح الكلية الذائبة … ثم أمثلة لتركيز الأملاح من مصادر مختلفة … ثم ننتهى بشروط الدخول على الأغشية …
مبدأياً نتذكر تقسيم المياه الطبيعية تبعاً للأملاح الكلية الذائبة TDS … نعرضها لكم فى الجدول التالى مع بعض الملاحظات الهامة:
ونلاحظ دائماً أن هذا التصنيف يختلف بعض الشيء من مدرسة علمية إلى أخرى … فمثلاً تجد فى بعض المراجع أن الحد الأقصى للأملاح فى المياه العذبة 1000 جزء فى المليون وليس 500 جزء فى المليون كما أنك قد تجد مياه البحار لها حد أدنى من الأملاح 10000 جزء فى المليون وليس 30000 وقد تجد تقسيم المياه قليلة الملوحة إلى عدة أقسام (متوسطة من 500 – 1000 وعالية من1000 إلى 30000) وهكذا …
وننوه دائماً وكما يعلم دارسى علوم المياه والبحار أن هذه القيم ليست ثابتة على الدوام بل تتغير بتغير عدة عوامل مثل درجة الحرارة وعمق المياه ومعدل التبخير وهطول الأمطار وتغير الفصول ومصادر التلوث … إلخ.
بالنسبة للأملاح فى مياه الآبار تتفاوت تفاوتاً كبيراً من بئر لآخر… قد تكون ثابتة فى البئر نفسه أو متغيرة … قد تزيد مع استمرار الأخذ منها وقد تقل … وقد تتأثر بمياه الصرف إلخ.
وإليكم الآن … أمثلة لتركيزات لبعض شقوق الأملاح من مصادر مختلفة بوحدة الppm:
ولعل البعض يلحظ عدم تساوى تركيز أيون الصوديوم مع الكلورايد مع أن البديهى هو تساويهم فى التركيز لارتباط ذرة الصوديوم مع واحدة من ذرة الكلورايد فى ملح كلوريد الصوديوم NaCl … ولكننا نرى الصوديوم أقل بكثير من الكلورايد … والجواب ببساطة أن الكلورايد لا يرتبط فقط بأيونات الصوديوم إنما يرتبط بأيونات أخرى مثل الكالسيوم (CaCl2) والمغنيسيوم (MgCl2) وغيرها من الأيونات مما يفسر هذا الإختلاف.
أيضاً إذا نظرنا إلى عنصر الحديد فنجده يختلف من مكان لآخر اختلافاً كبيراً فمثلاً فى مياه البحر يتراوح من 1- 3 جزء فى البليون (مثل المحيط الهادى) … وفى مياه الأنهار يتراوح ما بين 0.5 – 1 جزء فى المليون … أما فى المياه الجوفية فقد يصل إلى 100 جزء فى المليون فى بعض الأحيان !” ويتواجد المنجنيز أيضاً مع الحديد خاصة فى المياه الجوفية بنسب تصل إلى 2 – 3 جزء فى المليون فى المتوسط … وذلك بسبب ندرة الأوكسجين والذى من فوائده القيام بأكسدة هذين العنصرين من التكافؤ الثنائى إلى التكافؤ الثلاثى المترسب… وفى المعتاد يقل تركيز المنجنيز عن الحديد بصورة كبيرة.
ملحوظة: فى العموم تزيد الأملاح الكلية الذائبة TDSفى نهر النيل كلما اتجهنا إلى الشمال تبدأ بحوالى 100 – 110 جزء فى المليون عند خزان أسوان ثم تزداد تدريجياً لتصل إلى 200 فى صعيد مصر (الوجه القبلى) ثم تصل إلى 250 أو أكثر فى الوجه البحرى وتنتهى ب 350 جزء فى المليون مع المصب فى البحر المتوسط … وبالطبع الزيادة فى الأملاح أهم أسبابها التلوث …
مواصفات المياه االمسموح لها بالدخول على الأغشية:
والآن سنذكرملاحظات على الجدول السابق ونذكر بعض الظواهر أو الأمور العملية التى تقابل العاملين بالوحدة:
1- ننبه أن هذه القيم فى الجدول هى عامة ولا تطبق على كل الأغشية … وينبغى الرجوع للمانيوال الخاص بكل غشاء.
2- قيم الSDI الغير حقيقية:
يتحير بعض العاملون فى الوحدة عند قياسهم للSDI بعد المعالجة الإبتدائية والمرور على الفلاتر المختلفة (المالتى ميديا والميكرونية) … فيجدون قيمتها أعلى من أو يساوى (4) بالرغم من أن القيمة يجب أن تكون أقل من ذلك … وتزيد الحيرة عندما تكون العكارة قليلة جداً ولا يوجد نسب تذكر من المواد العالقة Suspended matter مما يؤكد أن المعالجة الإبتدائية على مايُرام …
فما هو سبب ارتفاع الSDI؟
والجواب أن هذه الظاهرة تحدث مع مياه البحر وخاصة عندما يتم أخذ المياه من المنطقة الضوئية (Euophotic zone) كما دلت الأبحاث وتحديداً المنطقة الغنية بالمواد الغذائية (Eutrophic zones)… حيث تتميز هذه المنطقة بوفرة فى الهواء الذائب (الأوكسجين الذائب) نتيجة لعملية البناء الضوئى التى تقوم بها النباتات البحرية بجانب ذوبان الهواء الجوى فى مياه السطح كما ذكرنا من قبل … وتصل النسبة إلى أكبر من 8 جزء فى المليون … وبسبب تعرض المياه للضغوط فى الفلاتر يحدث وأن تتكون فقاعات هوائية ميكرونية micro air bubbles تلتصق بالثقوب الداخلية للأغشية (أو ورقة الفلتر الخاصة بالSDI) مما يؤدى إلى ارتفاع القيمة …
الحل كما يرى الخبراء هو واحد من إثنين (وتعتمد الفكرة على إزالة هذه الفقاقيع من الثقوب):
1- عمل نزع للغازات Degasification قبل الدخول على الأغشية (أوقبل قياس الSDI).
2- استخدام ضغط عالى High pressure (حوالى 60 بار او 6 ميجاباسكال) مدة ثوانى قليلة كى نزيل هذه الفقاقيع المزعجة من بين ثنايا الغشاء.
الصورة التالية توضح على اليسار تكون الفقاقيع الهوائية بين الثقوب وبالتالى تزيد قيم الSDI ثم ننتقل إلى الجزء الأوسط من الصورة حيث تنعدم الفقاقيع بعد عملية نزع الغازات أو استخدام الضغط العالى (الجزء الأيمن) لتقل قيمة الSDI إلى القيمة الحقيقية.
وبمناسبة الهواء … يحدث وأن يختلط هواء مع مياه التغذية (كبعض الحالات فى مياه الآبار) ويدخل على الأغشية فيتلفها بسبب حدوث المطرقة المائية water hummer أو يسبب كسر فى الغلاف الخارجى للغشاء outer wrap … والحل هو عمل خزان لمياه التغذية ليتم فيه التخلص من الهواء (ولا نحتاج إلى تنك كبير … قد يفى بالغرض 2 – 4 متر ارتفاع).
3- الأغشية والرقم الهيدروجينى pH:
تتحمل الأغشية مدى معين من الرقم الهيدروجينى تبعاً لنوعها فنجد:
1- الأغشية التى تصنع من الأسيتات سليلوز تتحمل رقم هيدروجينى بين 3.5 – 6.5.
2- أغشية البولى أميد تتحمل رقم هيدروجينى فى مدى أوسع بين 3- 11.5
3- أغشية الThin film composite من 11- 2.
4- الأغشية وتحمل درجة الحرارة العالية:
يعتمد تحمل الأغشية فى تحملها لدرجة الحرارة العالية على نوعها … فمثلاً نجد أن تحمل أغشية البولى أميد أكبر من أغشية الأسيتات سليلوز… (لذا يجب مطالعة الMSDS أو الشيت الخاص بكل نوع من الأغشية) … وفى المتوسط نقول أن الحرارة المثالية يجب أن تتراوح ما بين 25 – 42 درجة مئوية ولا تزيد عن 31 لأسيتات السليلوز و45 درجة للبولى أميد.
ودرجة الحرارة عند 25 درجة مئوية هى الدرجة المثلى لكل الوحدات.
وإذا كانت مياه التغذية مرتفعة فى درجة حرارتها (عن 45 درجة) كما يحدث مع بعض مياه الآبار العميقة … فيجب عمل تبريد لها قبل دخول وحدة التناضح العكسي (كالاستعانة بأبراج التبريد Cooling towers أوالمبادلات الحراريةHeat exchangers ).
وتوجد بعض الأغشية تتحمل درجة حرارة تصل إلى 60 درجة مئوية وهناك أغشية حديثة تتحمل 90 – 100 درجة مئوية (مثل HSRO-FF) … والفيزل يكون مصنوع من الاستانلس ستيل … وذلك لأغراض التعقيم بالمياه الساخنة للتخلص من النمو البكتيرى فيما يعرف بعملية التعقيم الحرارى Thermal sterilization (thermal sanitization) … ودائماً ما تستخدم المياه الناتجة للأغراض الطبية والصناعات الدوائية وانتاج مياه الشرب والمياه الغازية (وهذه النوع من الأغشية أنتجتها بعض الشركات اشهرها شركة DOW وشركة ماركورMAR COR الأمريكية).
ولكن انتبه! فليس لأن هذا النوع من الأغشية يتحمل درجات حرارة عالية فإننا يُمكن أن نسمح بدخول مياه التغذية بهذه الحرارة على الدوام إنما يقتصر فقط على عملية الغسيل والتعقيم بالماء الساخن فى وقت قصير وتحت ظروف معينة أما أن نستمر فى ادخال المياه الساخنة على الأغشية فهذا قطعاً سيؤثر عليه.
كيف تؤثر درجة الحرارة على الأغشية؟
1- كلما زادت درجة الحرارة 1 درجة مئوية زادت معدل السريان flow rate حوالى 1.5 % … هذا فى العموم وذلك لأن لزوجة المياه viscosity تقل وتصبح أكثر سيولة.
(المهندس محمد موسى:كل زيادة فى درجة حرارة تزيد حوالى 3% من الانتاج (فمثلاً لو كانت المحطة تنتج 300 متر مكعب عند 25 درجة فإنها تنتج 309 متر مكعب عند 26 درجة مئوية) … أو بمعنى أكثر دقة كل 4 درجات يزيدوا الانتاج 10%).
2- زيادة درجة الحرارة ترفع من قيمة الضغط الأسموزى المعاكس للانتاج.
3- دلت الأبحاث أيضاً أن الحرارة العالية للمياه تسبب تمدد حرارى thermal expansion للمادة البوليمر وتؤثر على خصائصها الكيميائية والفيزيائية لأنه يحدث ثقوب pores تتسع شيئاً فشيئاً بين سلسلة البوليمر polymer chain فتسمح بدخول الأملاح أيضاً مع المياه … ويظهر ذلك بالفعل عندما نقيس تركيز الأملاح الكلية التى تمر عبر الأغشية salt passage أو الrejected أو membrane average flux.
(كلما زادت درجة الحرارة درجة زادت الأملاح بنسبة 6% ومع اعتبار الزيادة فى كمية المياه فتكون المحصلة 3% من الأملاح).
3- كلما زادت درجة الحرارة زادت فرصة تكون الرواسب أو القشور scales خاصة مع الأملاح التى تسبب العسر المؤقت وتترسب برفع درجة الحرارة وبالتالى سنضطر إلى زيادة درجة الحامضية يعنى pH)أقل) أو إضافة موانع الترسيب بكمية أكبر.
4- إذا قلت درجة الحرارة لمياه التغذية عن 20 درجة مئوية فيجب رفعها إلى هذه الدرجة على الأقل وذلك لأن انخفاض الحرارة يؤثر بالسلب على انتاجية المحطة … نعم هو لا يضر الغشاء نفسه كما يحدث مع ارتفاع درجة الحرارة … ويكفى أن نقول أن درجة الحرارة عندما تصل ل 5 درجة مئوية فإن كفاءة الوحدة تقل للنصف أو أكثر من ذلك … وانخفاض درجة الحرارة لمياه التغذية يأتى طبيعياً تبعاً للقرب من القطبين أو نتيجة للتبريد القاسى لمياه تغذية أكثرمن المطلوب.
5- الكلورين:
أغشية الأسيتات سليلوز مقاومة للكلورين الحُرإلى حد كبير بينما أغشية البولى أميد فتتأكسد بسهولة … وسيتم شرح ذلك بالمعادلات عندما نتحدث عن التركيب الكيميائى للأغشية.
6- كبريتيد الهيدروجين:
لا يزيد عن 0.1 جزء فى المليون لأنه مع الأكسدة يكون عنصر الكبريت النشط ويسبب ترسب على الأغشية.
7- الكربون الكلى العضوىTOC :
يجب أن لا يزيد عن 0.45 جزء فى المليون … وفى بعض المراجع تجد النسبة 3 جزء فى المليون حد أقصى وإن كنا لا ننصح بها عملياً.
8- الحديد:
كما هو مدون بالجدول أن أقصى حد هو 0.05 جزء فى المليون … وإن كانت بعض الشركات رفعت القيمة إلى 4 جزء فى المليون بشرط الغياب التام للأوكسجين الذائب حتى لا يؤكسد الferrous ثنائى التكافؤ إلى ferric ثلاثى التكافؤ ويترسب.
المياه السطحية أم مياه الآبار؟!!
(تفريغ لجزء من محاضرة المهندس محمد موسي بجانب بعض الملاحظات)
لو كان عندى مصدر للمياه من بئر جوفى وآخر مياه سطحية (مثل مياه البحر) … أيهما أفضل لتقنية التناضح العكسي؟؟؟ … قبل الإجابة على هذا السؤال يجب عقد مقارنة بين المصدرين من حيث المزايا والعيوب فنقول … أهم فائدة للمياه السطحية هى وفرتها … أما الآبار فهى ليست متاحة مثل الأولى … وتتطلب تقنية لاستخراج المياه من باطن الأرض مما يزيد التكلفة.
وإذا نظرنا إلى عيوب المياه السطحية نجد أن هناك 3 أمور:
1- التغير الحرارى: فدرجة حرارة المياه السطحية ليست ثابتة بل تتميز بالتغير الحرارى من 12 درجة مئوية إلى 32 درجة مئوية أو أكثر … والجدير بالذكر أن درجة الحرارة عند 12 درجة مئوية تسبب التكلفة العالية فى تشغيل وحدة التناضح وقد تؤدى إلى عدم نجاح المشروع … درجة حرارة 25 هى الدرجة المثالية والتى يتم تصميم الوحدات عليها … وكلما زادت درجة الحرارة (35 درجة مئوية مثلاً) زادت معدل الترسيب للأملاح.
يسبب ارتفاع درجة الحرارة أيضاً إلى ما يسمى بظاهرة هيستيريا الأغشية Hysterical membrane … وكى نوضح الأمر نقول أنه لو كان عندى محطة انتاجيتها 500 متر مكعب عند 27 درجة مئوية … وارتفعت درجة حرارة مياه التغذية إلى 32 درجة مئوية فإنه يحدث تشوه Deformation للأغشية … فإذا رجعت درجة الحرارة إلى 27 درجة مئوية مرة أخرى وجدنا الانتاجية ستقل (مثلاً 480 متر مكعب) … وهذه الظاهرة تكون مصاحبة لنوع الأغشية المصنوع من البولى أميد.
وعند درجة حرارة فوق ال45 درجة … لا يُمكن تصميم محطات التناضح العكسي.
وبالنسبة لمياه الآبار فتمتاز بالثبات الحرارى طوال العام قد تزيد أو تقل فى حدود درجتين فقط.
2- معامل العكارة (مؤشر كثافة الطمى) (SDI):
لو زاد عن 5 فإنه يحدث خسارة فى الانتاجية تصل إلى 13% … فلو كانت الانتاجية 500 متر مكعب فإنها تقل مع الوقت أو نضطر إلى رفع ضغط الطلمبة للحفاظ على هذا المعدل (من900 psi مثلاً إلى 950 psi).
3- الكربون الكلى العضوى(TOC):أقصى رقم لدخول المياه على الأغشية هو 0.45 جزء فى المليون (بالتقريب 0.5 جزء فى المليون) … والمياه السطحية قد تصل الTOC فيها إلى 6-7 جزء فى المليون نتيجة تواجد الكائنات الحية … إلخ… أما المياه الجوفية فالTOC منخفضة لعدم وجود طحالب أو بكتيريا بالمقارنة بالمياه السطحية.
لذا كانت المياه الجوفية أفضل فى أغلب الأحيان من مياه البحر فى تقنية التناضح العكسى (حتى ولو كانت بها بعض العيوب كنسب الحديد العالية).
فلو اضطررنا لاستخدام المياه السطحية فيجب أن نلجأ إلى أساليب معينة فى المعالجة الأولية بداية من المأخذ البحرى … فنحاول أن نمد مواسير المياه بعيدة عن منطقة الشاطئية وعكارتها وبعيدة عن المنطقة الضوئية (Photic zone) الغنية بالطحالب والبكتيريا … وقد حددوها بحوالى 10 – 20 متر تحت سطح البحر وإن كان ذلك مكلف اقتصادياً ومكلف فى الصيانة … واتفق معظم مصممى الوحدة على امداد المواسير تحت سطح البحر بحوالى 1 – 2 متر وبعيداً كما قلنا عن المياه الشاطئية بقدر الإمكان.
كما يجب أن نوفر امكانية لعمل تنظيف ذاتى للمواسير باستخدام بلاور هوائى مثلاً (بضغط 3 – 6 بار) لينظف المواسير من أى كائنات علقت بها كالطحالب وغيرها.
م/ وليد السيد