ولي العهد يزيد بن معاوية |
بدأ أمير المؤمنين / معاوية بن أبي سفيان يفكر في اختيار ولي للعهد
.. ، فرأى أن أنسب مرشح لهذا المنصب هو ابنه
( يزيد ) .. فقد رباه على تحمل المسؤلية من صغره ، و كان يعرف نجابته ، و قدراته الإدارية و العسكرية …
* كما رأى سيدنا / معاوية أن أمراء و أعيان الشام هم
( أهل الحل و العقد ) بعد انتهاء جيل الصحابة ..
، فهم أصحاب الشوكة الذين يستطيعون السيطرة على مقاليد الأمور في ظل الفتن المستمرة التي تتصاعد من وقت لآخر من بلاد العراق و بلاد فارس .. !!
، و أهل الشام كانوا يحبون سيدنا / معاوية حبا عظيما فقد عاشوا تحت حكمه ما يقرب من 40 عاما ينعمون فيها بعدله و سماحته و حسن إدارته لشؤن البلاد و العباد …
لذلك كان من الصعب جدا أن يجمعوا على مبايعة أي أحد خارج الأسرة الأموية … !!!
استشار سيدنا / معاوية أعيان الشام
* كان سيدنا معاوية يخاف أن تعود الفتنة ، فيقتتل الناس على الخلافة بعد موته ..
فخير القرون قد ولى و فات .. ، و أصبح كثير من عوام المسلمين ، و الجهلة يتبعون كل ناعق ، و يصدقون شعارات الفضيلة البراقة التي يرفعها أصحاب المصالح ، و الأجندات ..!!
، و لم يكن سيدنا معاوية يرى بين أبناء الصحابة في زمانه من يستطيع أن يجمع كلمة المسلمين من بعده .. ،
فكان ابنه ( يزيد ) في نظره هو (( رجل المرحلة )) .. ، و لم يكن اختياره له لمجرد محاباة الوالد لولده .. ،
و لا لأنه كان يريد أن يستأثر بالملك لأبنائه و قرابته ..
كما زعم خصومه ..
، و كما يدعي أعداء الإسلام قديما و حديثا …!!!
من أجل تلك الاعتبارات ( الوجيهة ) كلها استشار سيدنا / معاوية أعيان الشام ، و أصحاب الرأي المؤثرين على القاعدة العريضة من الناس في مسألة تولية العهد لابنه يزيد …
فوافقه الجميع على تلك الفكرة …
، بل و رأوا أنها تتناسب تماما مع (( طبيعة المرحلة )) …!!
* و بعد أن استشار سيدنا / معاوية ، و اطمأن لرأيه الذي رآه
.. أخذ يرسل رسائله إلى سائر الأقاليم يأمرهم بمبايعة ( يزيد ) كولي للعهد ..!!!
، فبايع له الناس في سائر الأقاليم .. ،
و اجتمعت كلمة أهل الحل و العقد عليه .. إلا أهل مكة و المدينة … !!
فقد قامت ثورة غضب عارمة في مكة و المدينة ضد فكرة (( التوريث )) .. !!!
، و كانوا يرون أن هناك من أبناء الصحابة من هم أعظم قدرا ، و مكانة ، و أفضل علما و دينا من يزيد بن معاوية … !!!
و تزعم حالة الغضب في المدينة خمسة
من أكابر أبناء الصحابة… و هم :
* الحسين بن علي بن أبي طالب ..،،
* عبد الله بن عمر بن الخطاب ..،،
* عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ..،،
* عبد الله بن الزبير بن العوام ..،،
* عبد الله بن عباس .. رضي الله عنهم جميعا ….
* كان هؤلاء الخمسة يريدون الأمر (( شورى ))
بين المسلمين كما كان أيام الخلفاء الراشدين ..
، و يرفضون أن يتحول الحكم في الإسلام إلى النظام الملكي الوراثي .. ، ثم يتولى شؤون الناس بعد ذلك من ليس قويا ولا أمينا ..، و يجلس على عرش الحكم فقط لأنه
(( ابن الملك )) .. كما كان يحدث في امبراطوريتي
الفرس و الروم ….. !!!!
(( التوريث …. !! ))
:sparkles: ولكن .. يمكننا أن نتعرف على نية سيدنا /
معاوية بن أبي سفيان .. رضي الله عنه .. في اختياره لابنه ( يزيد ) كولي للعهد من خلال ما قاله في إحدى خطبه ، وهو يدعو الله تعالى فيها .. ، و يقول :
(( اللهم إن كنت تعلم أني وليت ابني لأنه .. فيما أراه ..
أهل لذلك ، فأتمم له ما وليته .. ،
و إن كنت وليته لأني أحبه ، فلا تتمم له ما وليته ))
وهناك ملاحظات يجب أن تؤخذ في الاعتبار أثناء الحكم على تلك الأحداث (( الحساسة )) التي تمس سمعة
الصحابة و أبناء الصحابة ….
و منها :
* أولا : أن ( حسن الظن ) بصحابة رسول الله هو ( دين ) ندين الله به .. فهم الذين نقلوا لنا القرآن و السنة .. ، و بالتالي .. فثقتنا في دينهم و تقواهم من ثقتنا بأن القرآن .. الذي زكاهم .. هو فعلا كلام الله تعالى …
* ثانيا : فكرة ( التوريث ) ليست حراما شرعا ..
فليس هناك نص في القرآن ، ولا في الأحاديث النبوية الصحيحة يقول بأن ( ولاية العهد ) لابن الحاكم هي جريمة نكراء لا تجوز .. !!
، كما أن الشريعة الإسلامية لم تضع صورة واحدة محددة لطريقة اختيار الحاكم ..
، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرشح وليا للعهد ..
بينما رشح سيدنا / أبوبكر الصديق عمر بن الخطاب ليكون الخليفة من بعده ..!!
، أما عمر .. فقد ترك الأمر شورى بين ستة من العشرة المبشرين بالجنة كما رأينا ..!!
و قد عرض المسلمون على سيدنا عمر بن الخطاب أن يجعل ابنه ( عبد الله بن عمر ) وليا للعهد ..
فلم يقل لهم أن هذا ( التوريث ) حرام … ،
ولكنه رفض ذلك حتى لا يسأل أحد من أبنائه عن تلك المسؤلية العظيمة أمام الله …