ذكرنا من قبل فى إيجازأربعة أنواع رئيسية من الفاولينج أوالإتساخ الذى يتراكم على أغشية التناضح العكسي … وفى هذه المناقشة نذكر النوع الأول وهو الفاولينج البيولوجي أو الحيوي أو البيوفاولينج (Biofouling) بشىء من التفصيل …
عندما نذكركلمة “بيولوجى” نعنى بها هنا الكائنات الحية الدقيقة من بكتيريا وفيروسات وطحالب وفطريات … وتكاثرها يكون أعلى من الخيال … مئات ثم ألوف ثم ملايين … وتزيد فرص نموها مع ارتفاع درجات الحرارة لمياه التغذية … ويبدو ذلك واضحاً فى الأماكن الحارة حيث تصل مياه التغذية لأعلى من 30 أو 40 درجة مئوية .
فى مجال أغشية الRO … يتركزهذا النوع من الفاولينج فى المناطق الأمامية من الأغشية والسبب هو أن الwater flux أكبر ما يُمكن بالمقارنة بما يحدث فى نهايات الأغشية أوالذيل وقد ذكرنا ذلك بالتفصيل من قبل.
يبدأ الفاولينج البيولوجى بالتصاق الكائنات الميكروسكوبية (كالبكتيريا والطحالب) بسطح الغشاء وبالأخص فى المنطقة الميتة (Dead zone) مثل الfeed spacer (راجع تركيب الأغشية فى النقاشات السابقة) …
الطحالب الخضراء مصيرها الهلاك داخل أوعية الضغط … هذا إن لم تكن هلكت بالفعل فى المعالجة الإبتدائية … وذلك لانعدام وجود ضوء النهار (أو الأشعة فوق البنفسجية) داخل الأوعية … وبالتالى تموت لأنها ذاتية التغذية تعتمد فى غذائها على نفسها من خلال عملية البناء الضوئى … فأرجوك انسى نمو الطحالب فى هذه المنطقة … سنركز على البكتيريا والفطريات … ولكن لو استطاعت الطحالب المرور عبر الأغشية أو لمياه الريجكت حية فستنتعش وتتكاثر من جديد وتسبب مشاكل كما سنتحدث فى نقاش خاص عن ذلك نهاية الكورس.
طبعاً مياه جارية بدرجة حرارة من 20 إلى 40 درجة مئوية فى الغالب … ومحملة بالمواد الغذائية nutrients (كالفوسفور) والأوكسجين الذائب … تمر على هذه البكتيريا فى هذه البيئة الرائعة … ثم تأتى كائنات إضافية تلتصق بالسطح كما فعلت مثيلاتها … تتكاثر … تكون مستعمرات … إضافة إلى ذلك النعيم هو قلة الأملاح داخل الأغشية والذى يعتبرعامل إضافى قوى فى نمو البكتيريا.
المأساة أن هذه الكائنات فى المرحلة المتطورة تفرز طبقة من مادة جيلاتنية من بوليمرات الكربوهيدرات وهى البولى سكاريد (EPS) وهى اختصار للExtracellular Poly Saccharides تسد مسام الأغشية … هذه الطبقة يطلق عليها البايو فيلم Biofilm … هى طبقة جيلاتينية تتكون رُبما فى أول عشر دقائق على المرشح من بداية تشغيله وتسمى أيضاً بالطبقة القذرة Dirty skin … انظر الصورة:
وهذه صورة أخرى لطبقة للبايوفيلم وقد أصابت الfeed Spacers فى بدايات الأغشية (اللون البنى الداكن):
وعندما تستمر المستعمرات البكتيرية فى النمو تكون مايشبه عيش الغراب أو “الماشروم” “Mashroom” أقدامه أو جذوره فى الأغشية والجزء العلوى فى المياه … حيث يصبح هذا التركيب بدوره مصيدة لأفراد جديدة من البكتيريا … انظر الصور التى توضح مراحل نمو طبقة البيوفيلم وبالتالى تكون البايوفاولينج:
وعند نضج تركيب البايوفيلم يحدث فيه ما يسمى بالانفجار حيث تخرج البكتيريا من هذا التركيب لتنتشر إلى أماكن مجاورة … يشبه ذلك قذائف المدفعية التى ترمى بالقذائف إلى الأماكن المحيطة … يستطيع أحدكم رؤية هذه الإنفجارات بأخذ عينة من المستعمرات البكتيرية أوالطحالب من أحواض السمك أو أى جدار نمت عليه المستعمرات الطحلبية ويضعها تحت الميكروسكوب ويستمتع بعجائب خلق الله …
وبناءً على ما تقدم فإن طبقة البيوفيلم تحتوى على البكتيريا المفرزة للمادة الجيلاتينية (مثل بكتيرياThoibacilli ) … كما تحتوى على طبقة غير حية من المواد المفرزة من البولى سكاريد والإنزيمات وبقايا البكتيريا الميتة … وإليك توضيح الأمر فى الجدول التالى:
وهذه صورة ميكروسكوبية توضح الغشاء وهو فى حالة جيدة على اليسار (رقم A) قبل أن ينتكس ويتراكم عليه البايوفيلم (الصورة اليمنى) (رقمB ) بعد 4 أيام فقط من استخدام الغشاء!!
وهذه صورة أخرى للغشاء المُصاب تحت الميكروسكوب توضح البيوفاولينج والبكتيريا والطبقة التى تفرزها:
ومع تقدم نمو المستعمرات نرى الحصاد الأليم لترك البايوفاولينج يمرح على سطح الغشاء … تظهر الصورة كالتالى:
وهذه صورة توضح حدوث تدمير للend cap للغشاء الحلزونى نتيجة للبايو فاولينج وارتفاع فى ضغط الماء الداخل على الأغشية:
وعند انسداد مسام الأغشية يظهر ارتفاع فى ضغط الماء الداخل على الأغشية … وسنتحدث عن الضغوط بعد الانتهاء من موضوع الفاولينج مباشرةً.
وهذه مداخلة للمهندس أحمد الربيعي الربيعى من قبل أحببنا إضافتها هنا:
تأثير دقائق المواد الحيوية: الإنتباه الى محتوى المواد البيولوجية في مياه التغذية الداخلة الاغشية التناضحية وتأثيرها على الماء المنتج وبالتالي تلوث المياه وحدوث انسداد بايلوجي … دورياً يجب قياس محتوى (TOC) أو (BOM) في المياه الداخلة حيث تنمو مستعمرات من البكتريا في بعض الأحيان في الأنابيب أوالفلاتر المايكرونية أوالفلاتر الكربونية أوالرملية لتكون في أدنى مستوياتها عند تعذرالتخلص منها كما وضح (Escobar et al. 2000) وذلك لانخفاض تركيزالمواد المعقمة مثل الكلورين أوعدم إعطائها الوقت اللازم للتعقيم وغيرها.
إحدى هذه البكتريا هي Novosphingobium capsulatum والمكتشفة من قبل الباحث (MacAree et al. 2005) … في قابليتها على العيش في الأغشية في أنابيب الربط الداخلية و(O-RING) وسطوح الاغشية الداخلية من خلال زيادة حجمها بأفراز مادة مخاطية تمنع مرورها من خلال الفتحات المسامية وتعد من أهم مسببات الانسداد البيولوجي للأغشية مصدرها المياه الداخلة للأغشية.
والسؤال هنا …
كما استطعنا أن نتنبأ بانسداد الأغشية بالمواد العالقة عن طريق اختبار الSDI وانسدادها بواسطة الترسبات الملحية بواسطة معامل لانجيريه LSI … هل هناك طريقة للتنبؤ بالفاولينج البيولوجى؟؟؟ وعلى أساسه أبدأ تصميم أو تعديل مراحل المعالجة الإبتدائية؟
والجواب:
من الصعب التنبؤ المبكر بالفاولينج البيولوجى فى بدايات تشغيل الوحدة … ولكن فيه ابتكار اسمه MFS أو Membrane Fouling Simulation ابتكره عالم أجنبى اسمه Dr.Hans Vrouwenvelder من جامعة دلفت الهولندية بالتعاون مع علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية … وتم الإعلان عن هذه التقنية عام 2006 …
الغرض من هذه الطريقة هو تحديد ميل مياه التغذية لتكوين الفاولينج البيولوجى أو بغرض تقييم أو تعديل مراحل المعالجة الأولية مثل التعقيم أو تغيير الفلاتر … أيضاً تستخدم هذه الطريقة فى أنظمة التبريد وتقييم إضافات الBiocides وأداؤها ووحدات معالجة مياه الشرب.
وتلخيص القصة أنه يتم عمل محاكاة للوحدة بنفس ظروفها ويتم استخدام جرعات مختلفة من المواد المُعقمة … وأيضاً يتم عمل المحاكاة مع تغيرفصول السنة … إلخ
وهذه صورة للMembrane fouling simulator وداخله الغشاء:
يتم تعريض الغشاء لظروف مشابهة للوحدة وفحص الغشاء تحت الميكروسكوب كل فترة للكشف عن مراحل تكون البايوفاولينج …ونطلب ممن تعرض لهذه التقنية أن يذكر خبراته معها مع جزيل الشكر …
وفى العموم … إمكانية تكون البيوفاولينج يزيد مع اسخدام المياه السطحية ذات الملوحة المتوسطة (البراكيش) ثم تقل مع مياه البحر وتقل أكثر مع مياه البلدية (City water) وتكون أقل ما يُمكن مع مياه الآبار:
أيضاً التفتيش الدورى على فلاتر الكارتريدج فى المعالجة الإبتدائية والكشف على الفيزلات … وظهور رائحة سيئة يعتبر مؤشر على وجود البايوفاولينج فى أغلب الأحيان.
والبعض يعتمد على القياس الدورى للكربون الكلى العضوى TOC أو المواد المغذية Nutrients كمؤشر لوجود الغذاء المشجع على نمو البكتيريا.
يمكن أيضاً استخدام الميكروسكوب للكشف عن البكتيريا من خلال ترشيح حجم معين من الماء وفحص ورقة الترشيح … والمتخصصين فى الميكروبيولوجى يستخدمون صبغات معينة تظهر البكتيريا بصورة مضيئة فيسهل عدها والتعرف عليها (مثل صبغة الAcridine البرتقالية أو ال(“INT” … ونترك هذا الأمر لأهل الميكرو.
ويبقى التعقيم المبدأى بالكلور أو مشتقاته أوالUV فى المعالجة الإبتدائية أهم الأمور التى تحكم تكون الفاولينج البيولوجى على أغشية التناضح بل إن التساهل فى هذه الأمور يعتبر هو نفسه مؤشر شبه مؤكد لتكون البايوفاولينج بسرعة على الأغشية.
محاربة البيوفاولينج تحدثنا عنها من قبل وسنستكملها فى المناقشات التالية فتابعونا ونرحب بأى إضافة …
م/وليد السيد