كان إسلامك عِزا :
يقول سيدنا / علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
(( رأيت عمر على قتب يعدو ( يعني : يركب بعيره و يجري به ) ..، و كان الحر شديدا .. ، فقلت له : إلى أين تذهب يا أمير المؤمنين … ؟!!!!
.. ، فقال : ( بعير ند .. يعني : شرد .. من إبل الصدقة و أنا أطلبه … ، فوالذي بعث محمدا بالنبوة لو أن عِناقا ذهبت .. يعني : عنزة ضاعت .. بشاطئ الفرات لأُخِذ بها عمر يوم القيامة )
.. ، فقلت في نفسي :
( لقد أتعبت مَن بعدَك يا عمر ..!!!! ))
………………………………………………..
(( سكرة الموت ))
.. ظل سيدنا عمر بن الخطاب في سكرات الموت ثلاثة أيام بعد أن طعنه المجوسي اللعين .. ، ورغم كل ما قدمه الفاروق طوال حياته للإسلام حتى ترك للمسلمين دولة قوية مهابة الجانب مترامية الأطراف ، و هو الآن في ساعاته الأخيرة من الدنيا يبذل دمه ، و روحه لله تعالى .. رغم كل ذلك كان يقول وهو على فراش الموت :
(( ما أصبحت أخاف على نفسي إلا من إمارتكم هذه ..
، و الله لوَدِدت أني نجوت منها كَفافا .. لا عَلي و لا لِي ..
لا أجر و لا وِزر ..))
.. ، فبشره ابن عباس رضي الله عنه قائلا :
(( يا أمير المؤمنين .. لقد كان إسلامك عزا ، و كانت إمارتك فتحا ، و لقد ملأت الأرض عدلا ))
.. ، فقال له عمر : (( أتشهد لي بذلك يا ابن عباس … ؟!! ))
.. ، قال : (( أشهد ))
.. ، و كانت أمنية عمر بن الخطاب الأخيرة هي أن يُدفن إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ..، فأرسل ابنه
( عبد الله ) إلى أم المؤمنين عائشة ليستأذنها في ذلك ..
.. ، و قال له :
(( قل لها : عمر يقرأ عليك السلام ، و يستأذن أن يدفن إلى جوار صاحبيه .. ، و لا تقل لها : أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا ))
……………. ……………… ……………….
.. ، و في تلك الساعة كانت أم المؤمنين عائشة جالسة في بيتها تبكي على ما حدث لعمر .. ، فلما استأذنها عبد الله بن عمر في أن يدفن سيدنا عمر إلى جوار صاحبيه قالت له :
(( لقد كنت أريده لنفسي ، وَلأوثِرنه به اليوم على نفسي ))
.. ، و طلب بعض الصحابة من عمر أن يستخلف أحدا بعده ، و اقترح بعضهم أن يستخلف عليهم ابنه عبد الله بن عمر …
.. ، فرد عليهم عمر غاضبا :
(( … ، و الله ما حمدتها لنفسي حتى أرغبَ فيها لأحد من أهل بيتي .. ، فإن كان خيرا فقد أصبنا منه ، و إن كان شرا فبِحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد فيسأل عن أمر أمة محمد … ))
.. ، فقيل له : (( ماذا تقول لربك إذا لقيته و لم تستخلف على عباده …. ؟!!! ))
.. ، فرد قائلا :
(( إن الله تعالى حافظ هذا الدين .. ، و أي الأمرين أفعل فقد سن لي .. ، إن لم أستخلف فإن رسول الله لم يستخلف ..
.. ، و إن استخلفت فقد استخلف أبو بكر …. ))
** قال عبد الله بن عمر :
(( فعلِمت أنه لا يعدل أحدا برسول الله و أنه لن يستخلف ))
………………………………………………
(( عمر في الجنة .. ))
* أجهد أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب نفسه فكان قليل النوم و ينام على الأرض .. ، و كان زاهدا في الزينة و يلبس ثوبا بسيطا مرقعا .. ، و كان قليل الطعام لا يأكل إلا ما يجده فقراء المسلمين .. ، فأتعب نفسه و أهله .. !!!
.. ، و مما يبين لنا بوضوح كيف كان حال (( أمير المؤمنين )) في بيته أنه عندما طلب من أم المؤمنين / عائشة رضي الله عنها أن تخطب له أختها ( أم كلثوم بنت أبي بكر ) و كلمتها في ذلك اعتذرت لها أم كلثوم و قالت لها :
( لا حاجة لي فيه ) …. !!!!!!
.. ، فتعجبت عائشة من أمرها ، و قالت لها :
(( أترغبين عن أمير المؤمنين … ؟!!! ))
.. ، فردت عليها أم كلثوم بمنتهى الصراحة :
(( نعم .. إنه خشِن العيش .. شديد على النساء )) …!!!
.. ، كما أثقل الفاروق على ولاته .. ، و كان يحاسبهم حسابا دقيقا … ، و لكنه كان مع ذلك رحيما برعيته .. ، و كان شديد البكاء من خشية الله تعالى … رضي الله عنه .. !!
:ribbon: بسام محرم :ribbon:
:globe_with_meridians: المرجع : مؤلفات د . راغب السرجاني حفظه الله :globe_with_meridians: